رسوم الأراضي البيضاء- مرونة حكومية لتحقيق التنمية العقارية المستدامة

المؤلف: حجاب الذيابي09.18.2025
رسوم الأراضي البيضاء- مرونة حكومية لتحقيق التنمية العقارية المستدامة

إنَّ الديناميكية في القرارات الحكومية تُعتبر من العلامات الفارقة التي تدل على النضج الذي تتمتع به المنظومة الاقتصادية، فالاستجابة الذكية والفعَّالة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة هي الركن الأساسي لتدعيم استدامة التنمية وتحقيق التوازن الدقيق بين العرض والطلب في شتى القطاعات. وفي هذا السياق، يتبوأ القطاع العقاري مكانة مرموقة في صدارة هذه القطاعات الحيوية، إذ يمثل المرآة الصافية التي تعكس نبض الاقتصاد، والمحرك الجوهري لعجلة الاستثمار، والمؤشر الصادق الذي يقيس مدى تطور البنية التحتية ورسوخ السوق.

وفي هذا الإطار، تتجلى التعديلات الأخيرة التي طرأت على نظام رسوم الأراضي البيضاء كنموذج ساطع يعكس مرونة القرار الحكومي ورؤيته الاستشرافية الثاقبة. فقد تضمنت التعديلات رفع النسبة المقررة للرسوم، وإضافة العقارات الشاغرة إلى دائرة الاستهداف، وتوحيد المراحل المستهدفة لتكون أكثر شمولية، بالإضافة إلى توسيع نطاق استخدامات الأراضي ليشمل كافة الأوجه الممكنة. وتأتي هذه الخطوات الجريئة بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الأراضي غير المستغلة، وتحفيز عمليات تطويرها بما يساهم في تضييق الفجوة السكنية المتزايدة وتعزيز المعروض العقاري في مختلف أرجاء البلاد.

إن هذه السياسات المرنة لا تقتصر أهميتها على معالجة التشوهات التي تعتري السوق، بل تعكس أيضاً حرص الدولة الدائم على تفعيل أدواتها الاقتصادية بأسلوب متوازن ودقيق يراعي مصالح المواطنين والمستثمرين على حد سواء. فبفضل هذه التعديلات المدروسة، يمكن توجيه رؤوس الأموال نحو مشروعات ذات قيمة مضافة حقيقية، وتنشيط السوق العقارية على نحو يخلق فرص عمل جديدة، ويدعم القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها، مثل البناء والتشييد والخدمات اللوجستية المتنوعة.

كما أن المرونة في صياغة السياسات وتحديثها بشكل دوري يعكس إدراكاً عميقاً لضرورة المواءمة والتنسيق بين أهداف رؤية المملكة الطموحة 2030 ومتطلبات المرحلة الراهنة، لا سيما في ظل التوسع العمراني المطرد والنمو السكاني المتزايد الذي تشهده المدن الكبرى. وهو الأمر الذي يساهم في ترسيخ مفاهيم العدالة والإنصاف في استغلال الموارد، وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة التي تعود بالنفع على الجميع.

إن القطاع العقاري لم يعد مجرد نشاط اقتصادي منعزل، بل هو منظومة متكاملة ومتشابكة تمسّ كافة شرائح المجتمع بلا استثناء، وتُسهم بشكل فعال في رسم ملامح المستقبل الحضري المشرق للمملكة. ومن هذا المنطلق، فإن القرارات المتجددة والواعية، على غرار نظام رسوم الأراضي البيضاء، تمثل نموذجاً يُقتدى به في مجال الحوكمة الاقتصادية الرشيدة، وتؤكد أن التحديث المستمر والابتكار الدائم ليس خياراً قابلاً للتجاهل، بل هو ضرورة حتمية لا غنى عنها لتحقيق التقدم والازدهار للأمم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة